وزير العدل لـ الثـورة : القضــاء يتمتع بالنزاهة ولا وصاية عليه هيثم يحيى محمد
العلاقة بين القضاة والمحامين.. ودور المحامين في تحقيق العدالة.. وأسباب البطء بإجراءات التقاضي وكيفية المعالجة.. وواقع مقرات التقاضي غير اللائقة.. وقلة عدد القضاة مقارنة بعدد الدعاوى الكبير والطرق المقررة لرفد القضاء بعدد مناسب من القضاة..
ودعاوى التأمين الوهمية.. والمحاكم البحرية.. وأتمتة العمل القضائي.. والشرطة القضائية.. وتعديل قوانين السلطة القضائية وأصول المحاكمات والبينات.. والإجراءات المتخذة أو المنتظرة لتطوير وإصلاح القضاء ومكافحة الفساد.. واستقلال القضاء.. وموضوعات عديدة أخرى كانت محور الحوار الموسع الذي أجرته الثورة مع السيد وزير العدل القاضي محمد الغفري مساء الأحد الماضي بعد حضوره المؤتمرات السنوية لفروع نقابة المحامين في جميع المحافظات السورية..
القضاة والمحامون
* سيادة الوزير سأبدأ من نظرتكم لدور المحامين ( كأحد أجنحة العدالة ) في مساعدة القضاء على تحقيق هذه العدالة.. ولا سيما أنكم حرصتم على حضور اجتماعات الهيئات العامة السنوية لفروع نقابة المحامين إضافة للمؤتمر العام؟
** السيد الوزير : حضورنا لهذه الاجتماعات وللمؤتمر العام لنقابة المحامين السوريين ينطلق من إيمان كامل لدينا بأهمية العلاقة بين المحامي والقاضي وانعكاساتها سلباً أو إيجاباً على المتقاضين.. فالمعروف أن عملية التقاضي الناجحة والسريعة تفرض وجود اثنين: قاض ٍ مؤهل محايد.. ومحام ٍ مؤهل هدفه التعاون مع القاضي لتحقيق العدالة.
من هنا نقول إن العلاقة بين الطرفين هي علاقة من نوع خاص ذات تأثير متبادل ،فالمحامي يسهل على القاضي تحقيق العدالة حين يقدّم دعوى موثقة معروضة بشكل جيد تتضمن اسنادها القانونية.. ويتابع ذلك بالدفوع المناسبة.. وبالتالي نتطلع إلى تعاون قانوني واسع بين القضاء والمحاماة على هدف واحد هو إعلاء شأن القانون وتحقيق العدالة وإعطاء الحقوق لأصحابها.. وكل ذلك بأسرع وقت ممكن..هذا إلى جانب أننا نعيد النظر بالقوانين الناظمة لعمل القضاء والتي تسهل على المحامي القاضي عملية التقاضي.
* هل لمستم تطوراً في هذه العلاقة لمصلحة الهدف المنشود منها؟
** السيد الوزير : نلحظ تحسناً عاماً في عمل كل من القضاء والمحاماة.. ولعلنا نصل ذات يوم إلى تعاون بين القاضي والمحامي خالص لمصلحة العدالة.. ولعله يوم قريب.
البطء في إجراءات التقاضي
* ما إجراءاتكم لمعالجة البطء الشديد بإجراءات التقاضي؟
** السيد الوزير : عملية التقاضي الناجحة والسريعة تقوم على جملة عناصر أولها : القاضي المصطفى اصطفاء.. المؤهل تأهيلاً علمياً جيداً.. والمتابع في عمله وفق أحكام القانون النافذ.. وثانيها : مقرات لائقة بالقاضي والمحامي والمواطن..وثالثها : النص القانوني النافذ الواضح المعالم.
يضاف إلى ما تقدم بأهميته إن لم يكن أكثر أهمية محام مؤهل تأهيلاً علمياً راقياً أخذ على عاتقه وآمن أن يكون عوناً للقاضي على تحقيق العدالة.
نحن نعمل على كل العناصر المتقدمة ما عدا المحامي الذي يتم اختياره وتأهيله ومتابعة أدائه من قبل نقابة المحامين.. وضمن هذا الإطار نتابع تشييد قصور العدل الحديثة.. والمجمعات القضائية في المناطق والنواحي.. ونعلن عن مسابقة لاختيار قضاة لإلحاقهم بالمعهد القضائي والدراسة فيه لمدة سنتين.
ونتابع أعمال القضاء من قبل التفتيش القضائي بـه ونعمل مع نقابة المحامين وكليات الحقوق على إعادة النظر ببعض القوانين بغية تحديثها من جهة.. وللحد من إسراف البعض غير المقبول أو غير المبرر في ممارسة حقوق قررها القانون النافذ.. وعلى سبيل المثال فقد كثرت في الفترة الأخيرة قضايا رد القضاة التي لا تقوم على سبب إطلاقاً.. وكثرت طلبات رد القضاة المنتدبين بدلاً من القضاة الذين تم ردهم.. وصار الدافع للجوء إلى مؤسسة طلب الرد الذي قررها القانون لأسباب وهنا يردني مثال آخر وهو لجوء البعض دون سبب قانوني إلى دعوى مخاصمة القضاة مستندين إلى نص قانوني يسمح بذلك.. بأمل تأخير تنفيذ أحكام اكتسبت الدرجة القطعية.
طبعاً نحن لا ننفي إطلاقاً وجود حالات رد تقدّم في محلها القانوني ودعاوى مخاصمة تقوم على أسباب قانونية لكنها قليلة.
أما المحامي فكما قلنا المسؤول عن اصطفائه وتأهيله ومتابعة أدائه نقابة المحامين وفروعها.
* وهل تقوم النقابة بهذا الدور بشكل جيد برأيكم؟
** السيد الوزير : الذي نعلمه ونؤمن به أن تأهيل القضاة والمحامين قابل للتحسين دائماً.. ونحن بالنسبة لتأهيل القضاة نعيد النظر بالمناهج المقررة بالمعهد وأتوقع أن مشروع تعديل قانون مهنة المحاماة الذي وافق عليه مؤتمر النقابة الأخير أخذ بعين الاعتبار تطوير عملية تأهيل المحامي من خلال تدريبه ليقوم بالدور الذي أسنده إليه قانون تنظيم مهنة المحاماة.
مقرات التقاضي غير لائقة
* رغم إنشاء بعض قصور العدل والمجمّعات القضائية ما زلنا بحاجة إلى الكثير... فهناك الكثير من المحاكم مقراتها غير لائقة.. ماذا عن خططكم في هذا المجال؟
** السيد الوزير : ننفذ قصور العدل والمجمعات القضائية وفق الخطط الخمسية.. ونؤكد أن اعتمادات مالية معقولة تٌلحظ لهذه المشروعات وفق الإمكانات العامة.. والمشروعات قائمة في مراكز المحافظات والمناطق.
و منذ مدة قريبة افتتحنا صرحاً للعدالة في حمص.. وقصر عدل في حلب يشيد حالياً.. ولدينا العديد من المجمعات القضائية قيد البناء في المناطق فأمام الاتجاه العام لنقل العدالة إلى المواطن توسعت المحاكم أفقياً إلى حد كبير جداً ونحن نحاول أن نلحق بهذا التوسع الذي يخدم المواطن.. من خلال تأمين مقرات تقاض وزيادة عدد القضاة وتوفير المستلزمات المادية الأخرى..
وريثما تستكمل الأبنية الحديثة وجهنا السادة المحامين العامين باستبدال المقرات القائمة التي ضاقت بمساحتها عن الحاجة الفعلية بمقرات جاهزة عن طريق ما تخصص به من البلديات.. أو عن طريق الاستئجار.
عدد القضاة قليل
* يلاحظ أن عدد القضاة في سورية قليل مقارنة مع عدد الدعاوى وحجم العمل المطلوب ما هو جديدكم في مجال معالجة هذا الواقع؟
** السيد الوزير : خلال هذا الشهر أو مطلع الشهر القادم سنعلن عن مسابقة لانتقاء قضاة يلتحقون بالمعهد القضائي لمدة سنتين لتحصيل كل العلوم القانونية النظرية والعملية قبل انخراطهم في العمل القضائي.. وإضافة لذلك يبحث مجلس القضاء الأعلى موضوع رفد القضاء بعدد من المحامين من ذوي الخدمات الطويلة نسبياً والكفاءة.. والسمعة الطيبة وكنا قد رفدنا القضاة بعدد من السادة المحامين في العام الماضي.
ولا نلتمس عذراً للوزارة ونحن نسرد أن أغلب الدول تشكو طول التقاضي لديها بفروق نسبية بين دولة وأخرى.. إن الحاجة إلى قاض مؤهل تأهيلاً جيداً استلزم إلحاقه بالمعهد القضائي بين عدد القضاة وبين مقرات التقاضي والمستلزمات الأخرى.. فمجلس القضاء الأعلى يعمل وفق خطة مدروسة على زيادة عدد القضاة زيادة على نحو يضمن تأهيل القاضي وتأمين المقرات القضائية.. مع الإشارة إلى أن عدد القضايا في ازدياد دائم.
وعدد الدعاوى كبير
* برأيك ما أسباب زيادة عدد القضايا؟ ألا تتحمل بعض الثغرات القانونية.. والكثير من المحامين.. ونسبة غير قليلة من جهاتنا العامة مسؤولية غير قليلة في هذه الزيادة؟
** السيد الوزير : من الطبيعي مع ازدياد عدد السكان وتشابك العلاقات الاقتصادية يزداد عدد القضايا.. كنا يجب أن تبقى الزيادة في الحدود المقبولة.. ونرى أن الزيادة غير الطبيعية في عدد القضايا مردها إلى جملة أمور.. فانفراد طرفي العلاقة القانونية في إنشاء علاقة بعيداً عن المحامي سبب.. والنصوص القانونية التي نعمل على تعديلها الآن سبب.. واستثمار الكثيرين لهذه النصوص على غير الغاية التي شرعت من أجلها سبب.. وعدم لجوء المواطن إلى محاميه أو إلى مكاتب استشارية قانونية قبل تفكيره بإقامة الدعوى سبب.. فلو أن المواطن لجأ إلى مكتب استشاري قانوني في علاقاته القانونية لوفر خصومات محتملة.. وفوق هذا وذاك بوسع المحامين أن يختصروا الازدياد غير الطبيعي في عدد الدعاوى من وجهة نظرنا عن طريق إعطاء المشورة القانونية السليمة بإقامة أو عدم إقامة الدعوى وعن طريق التصدي لإنهاء الخلافات في بدايتها بتسويات تتم بمعرفة المحامي ذاته.
* وماذا عن ازدياد القضايا التي تكون الدولة طرفاً فيها؟
** السيد الوزير : لا شك أن وجود قانونيين متخصصين في دوائر ومؤسسات الدولة.. ووجود مديريات قانونية متخصصة في كل جهة عامة يجعل أعمال الإدارة وعلاقاتها مع الأفراد أكثر وضوحاً ودقة.. ولا يُنكر وجود بعض الموظفين الذين يتهيبون.. أو هم عاجزون عن اتخاذ الموقف القانوني السليم.. ما يدفع المواطن إلى القضاء في دعاوى هي خاسرة بنتيجتها.. وهذه أمام كم القضايا الكبير يمكن أن ألا تشكل حجماً ملحوظاً.. وبالمحصلة لا بد أن نقرر للجهات العامة حقها أن تحتكم إلى القضاء في كل خلاف ممكن أن ينشأ مع المتعاملين معها وأن تستنفذ طرق الطعن المقررة قانوناً شأنها في ذلك شأن الأفراد فحق التقاضي والطعن مقرر للطرفين.
لجنة لدعاوى التأمين
* وبخصوص قضايا التأمين؟
** السيد الوزير : اقترحنا تشكيل لجنة من قضاتنا ومن المديرين المعنيين في شركة الضمان السورية لبحث موضوع دعاوى التأمين من كافة الجوانب واقتراح المناسب.. وقد شكلنا هذه اللجنة فعلاً وتدارست الواقع وخلصت إلى مقترحات محددة.
محاكم بحرية
* هناك ضرورة ملحة.. ومطالبات عديدة لإحداث محاكم بحرية متخصصة هل سيتم إحداثها قريباً؟
** السيد الوزير : القصد من وجود المحاكم البحرية هو تحقيق تخصص القاضي في هذا المجال وسرعة البت بالقضايا البحرية.. ونرى أن هذا الأمر يندرج ضمن ما نطمح إليه من تأهيل القاضي عموماً وفي مجال التجارة البحرية خصوصاً.. ونحن نعمل على ذلك.. ولدينا من الإحصائيات ما يفيد أن المنازعات البحرية التي تعرض على غرف المحاكم البحرية ليست بهذا العدد الكبير ولا تعتبر منازعاتها من المنازعات البحرية المعقدة.. ونعمد من خلال المعهد القضائي إلى إيلاء القانون التجاري عموماً والتجارة البحرية خصوصاً الأهمية التي تستحق.. علماً أن القضايا البحرية حالياً تعرض على محكمة محددة في كل عدلية وهي محكمة البداية الأولى التي يتولى قضاتها البت بالمنازعات التجارية بما فيها منازعات التجارة البحرية.